تحليل

بناء طريق الحرير الغربي الإسرائيلي الجديد على أنقاض غزة

لدى الصين خطة لبناء طريق حرير جديد يربط الصين بوسط وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا. وبالمقابل هناك خطة طريق غربية إسرائيلية بديلة تمر عبر غزة.

الحرب الحالية في غزة تعلب دورا مهما في بناء طريق الحريرالغربي  الإسرائيلي.

 

طريق الحرير القديم

كان طريق الحرير القديم عبارة عن شبكة من طرق التجارة الأوروبية الآسيوية النشطة من القرن الثاني قبل الميلاد إلى منتصف القرن 15. وامتدت هذه الطرق لمسافة 6400 كيلومتر حيث لعبت دورا رئيسيا في تسهيل التفاعلات الاقتصادية والثقافية والسياسية والدينية بين القوة العظمى القديمة الصين في الشرق ونصف الكرة الارضية الغربي.

طريق الحرير هذا فقد أهميته مع ظهور الإمبراطورية العثمانية في  القرن الخامس عشر، مما أدى إلى تقليص التجارة بين الشرق والغرب.

 

الحلم الصيني”: طريق حرير جديد

عندما أصبح الرئيس شي جين بينغ رئيسا في عام 2013 ، أوضح أن لديه حلما: حلم الصين.

هذا الحلم هو تحويل الصين مرة أخرى إلى قوة عضمى في العالم ، كما كانت لعدة قرون مضت. ودعا الرئيس بينغ الشعب الصيني إلى التوحد وراء هذا الحلم المشترك وجعله حقيقة.

وكجزء من هذا الحلم، قام الرئيس بينغ باطلاق مبادرة في نفس العام، وتشمل خطة لبناء “مبادرة الحزام والطريق الجديدة” التي تربط آسيا وأفريقيا وأوروبا عبر طرق متعددة. ولتنفيذ الخطة، ستستثمر الصين في أكثر من 150 دولة.
الدراسات التي أجرتها جهات عديدة من بينها البنك الدولي قامت بتقدير أن طريق الحرير الجديد هذا يمكن أن يزيد التدفقات التجارية في 155 دولة مشاركة بنسبة 4.1 % ، فضلا عن خفض تكلفة التجارة العالمية بنسبة تتراوح بين 1% و 2% وزيادة الناتج المحلي الإجمالي لدول شرق آسيا والدول النامية بمعدل 2.6 إلى 3.9 %.

 

التحالف الحريري الروسي الصيني يتحدى الولايات المتحدة

روسيا تشارك في مشروع طريق الحرير الجديد، حيث وفي عام 2015 وقعت الصين وروسيا إعلانا تعاونيا بشأن بناء مشاريع الاتحاد الاقتصادي الأورآسيوي وطريق الحرير المشتركة.

يعتبر تحالف الحرير الجديد هذا بين الصين وروسيا تهديدا للنفوذ الأمريكي والغربي في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.

الرئيس الأمريكي جو بايدن أكد في يونيو 2021 أن الولايات المتحدة منخرطة في “منافسة استراتيجية طويلة الأجل” مع الصين، والتي وصفها بأنها “منافسة شديدة”.

ويأتي هذا التصريح ذلك ان الولايات المتحدة تشعر بالقلق من أن الصين ستتحدى وتقوض المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم. وطريق الحرير الجديد هو عامل رئيسي يعزز تصور الولايات المتحدة للصين على أنها “تهديد متزايد”.

هذه المخاوف دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند والعديد من الدول الأخرى إلى الإعلان في قمة G20 في سبتمبر 2023عن خطط لمشروع ربط الهند وآسيا والشرق الأوسط وإسرائيل وأوروبا.

المشروع ، الذي يصفه المبادرون بأنه تاريخي ، هو مشروع تحدي مباشر لخطط الصين لطريق الحرير الجديد.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قالت في القمة إن المشروع سيعزز التدفقات التجارية بين الهند والخليج العربي وأوروبا.

 

قناة بن غوريون الإسرائيلية

 

جزء من هذا المشروع الغربي الإسرائيلي هو بناء ممرين للنقل وخط أنابيب غاز وكابلات بيانات عالية السرعة بين الدول المعنية.  وستقوم إسرائيل بلعب دورا رئيسيا في بناء ممرات النقل وخط أنابيب الغاز إلى أوروبا.

هذا المشروع يعيد الحياة لمشروعا إسرائيليا وضع عام 1963 يسمى قناة بن غوريون.

بن غوريون ، الذي أرهب القرى الفلسطينية وأعلن إنشاء دولة إسرائيل في 14 مايو 1948 ، كان رئيس الوزراء الأكثر نفوذا في البلاد حتى عام 1963 ، عندما تم وضع الخطة.

و وفقا للخطة سيتم تفجير ممرات  قناة بن غوريون من مدينة إيلات الساحلية على البحر الأحمر وتوجيهها عبر سلسلة جبال النقب والصحراء لتمر حول قطاع غزة وتربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط.

خلال خطابه في 22 سبتمبر 2023 في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ، عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خريطة “الشرق الأوسط الجديد” التي تصور إسرائيل الكبرى بدون الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة. ورسم خطا أحمر لتحديد خطته للربط بين الخليج العربي وآسيا وأوروبا.

خط نتنياهو في الخريطة هو ايضا تصوير لقناة بن غوريون لعام 1963 وكذلك لخطة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند التي تم الاعلان عنها في سبتمبر 2023 لبناء بديل لطريق الحرير الصيني الجديد.

كما سينقل طريق الحرير الغربي الاسرائيلي الغاز من الخليج إلى أوروبا، ليحل عوضا عن خط أنابيب الغاز الروسي نوردستريم 2، الذي تم تفجيره في سبتمبر 2022.

 

قناة بن غوريون ستقلل بشكل كبير من أهمية قناة السويس

قناة بن غوريون مقارنة بقناة السويس.webp – ويكيبيديا

 

ويشكل مشروع قناة بن غوريون الإسرائيلي مدعاة للقلق في المنطقة. فبالنسبة لمصر، بمجرد تشغيل القناة الإسرائيلية، ستنخفض عائدات قناة السويس من 8 مليارات دولار إلى 4 مليارات دولار، حيث تتوقع إسرائيل أن تكون إيرادات القناة الجديدة أكثر من 4 مليارات دولار سنويا.

بعد افتتاح قناة بن غوريون، ستصبح إسرائيل القوة العظمى المالية والجغرافية في الشرق الأوسط، لأن مصالح الأنظمة التي تصدر الغاز والنفط أو تستورد السلع الاستهلاكية الأوروبية والإسرائيلية سترتبط بالحفاظ على مصالح إسرائيل وقدراتها ووجودها الدائم في البحر، لأسباب ليس أقلها أن إسرائيل تنوي بناء مدن سياحية على طول القناة.

 

يجب إخلاء غزة من الفلسطينيين

لذلك تعتبر مصر الحرب في غزة أكثر تهديدا من مجرد حرب بين إسرائيل وحماس.

وقال النائب المصري مصطفى بكري إن الأزمة الحالية في غزة أعمق مما تبدو عليه ، في إشارة إلى قناة إسرائيلية قيد التطوير منذ نوفمبر 2022 وستكون منافسا لقناة السويس.

يعتقد مصطفى بكري أن أحد الأسباب الرئيسية وراء رغبة إسرائيل في إخلاء غزة هو أنها تستطيع بعد ذلك بناء قناة بن غوريون هذه، والتي ستمتد في كلا الاتجاهين بين إيلات وغزة. وسيتم الانتهاء من هذه القناة في غضون ثلاث سنوات وستصبح مشكلة حقيقية لقناة السويس، حيث تقدر إيراداتها بثمانية  مليارات دولار سنويا وفقا للحسابات المصرية.

وتابع بكري أن “قناة بن غوريون تهدف إلى الإضرار بقناة السويس وأن الخطة واضحة لإخلاء غزة”

 

القنابل الذرية

وفقا لمذكرة رفعت عنها السرية، في ستينيات القرن العشرين نظرت الولايات المتحدة في اقتراح لاستخدام 520 قنبلة ذرية لخلق بديل لقناة السويس من خلال إسرائيل. وامتد طريق القناة المقترح في المذكرة عبر صحراء النقب في إسرائيل وربط البحر الأبيض المتوسط بخليج العقبة، مما فتح منفذا جديدا إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي.

هذا التفكير الأمريكي البالغ من العمر 60 عاما في استخدام القنابل النووية لبناء قناة بن غوريون يتردد صداه في الإعلان الأخير للوزير الإسرائيلي عميحاي إلياهو، الذي ذكر أنه “يجب على الفلسطينيين الذهاب إلى أيرلندا أو الصحاري واستخدام القنابل النووية على غزة كخيار“.

منذ 7  أكتوبر، ووفقا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، قصفت إسرائيل غزة بأكثر من 25,000 طن من المتفجرات. هذا يعادل قنبلتين نوويتين.

إذا قمت بطرح هذه القوة المتفجرة التي تعادل 2 قنبلة ذرية من 520 قنبلة ذرية ستكون ضرورية لإنشاء قناة بن غوريون ، فلا يزال هناك 518 قنبلة نووية لقصفها في غزة ، من بين أماكن أخرى ، كمساهمة في بناء قناة بن غوريون الإسرائيلية التي تم الشروع فيها في نوفبمر 2022.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى