تحليلمقالات

الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية؛ أعداء, ولكن حلفاء في الحرب ضد حرية التعبير

غالبا ما يتم اتهام السياسيين والكتاب والمعلقين الذين ينتقدون سياسات الدول الإسلامية أو سياسات إسرائيل بأنهم معادون للإسلام أو معادون للسامية.

بقلم أسامة الهباهبه

25 اغسطس 2023

 

أدى حرق القرآن والتوراة في الأشهر الأخيرة إلى تجدد الاتهامات بالإسلاموفوبيا ومعاداة السامية في النقاش حول حرية التعبير.

تظهر الدراسات الأوروبية زيادة انتشار  الإسلاموفوبيا في الدنمارك والاتحاد   الأوروبي  ، والتي تتزامن مع صعود اليمين المتطرف في العديد من دول الاتحاد الأوروبي.

إن ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا ليست جديدة، لكن السياسي الدنماركي السويدي، راسموس بالودان، يعيدها إلى الواجهة.

يستند مصطلحا الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية إلى الخوف والكراهية للمسلمين أو اليهود وغالبا ما يظهران بالتوازي. المسلمون  متهمون بمعاداة السامية واليهود متهمون بأنهم معادون للإسلام.

معاداة السامية مصطلح قائم على أساس عرقي، مما يعني أن المرء يضمر  كراهية للساميين، الشعوب التي تضم اليهود والعرب المسلمين والمسيحيين، ولكنه يستخدم اليوم حصريا للإشارة إلى كراهية اليهود.

الإسلاموفوبيا هو مصطلح قائم على أساس ديني يعني الخوف من الإسلام كدين ، ولكنه تطور اليوم ليصبح Muslimophobia، أي الخوف من المسلمين.

 

الإسلاميون والصهاينة يرفعون أوراق الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية

عقب مظاهرتين وقعتا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن في 24 مارس و31 مارس 2023 ، حيث أحرق المتظاهرون القرآن  والعلم التركي، أعلنت   وزارة الخارجية التركية إن تكرار هذه المظاهرات هو “دليل واضح على كيفية نمو الإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب والتمييز والعنصرية في أوروبا مؤخرا”.

ويمكن الإطلاع هذه الاتهامات أيضا في تقرير ممول من الاتحاد الأوروبي  بعنوان “الإسلاموفوبيا الأوروبية صدر عام 2018 ، والذي يتناول من بين أمور أخرى الإسلاموفوبيا في الدنمارك. ويستهدف التقرير السياسيين والمملكة الدنماركية: تساهم غالبية البرلمان الحالي باستمرار في خلق الشكوك ضد المسلمين والإسلام. عندما يستخدم السياسيون كلمات مختارة مثل “غيتو” و “مجتمع مواز” ، فإنهم يستخدمون هذه الكلمات ضمن توجهات سلبية ، مضيفا: “انتشر خطاب الإسلاموفوبيا إلى المجتمع الأوسع من خلال وسائل الإعلام والإنترنت ، مما جعل بعض السياسيين شخصيات بارزة في خطاب الإسلاموفوبيا في الدنمارك”.

كما أن  كل معلق او سياسي ينتقد التصريحات او الأفعال الإسلامية يتعرض لهذه الاتهامات. لأنه إذا كنت تنتقد ردود فعل الدول الإسلامية على حرق القرآن، أو تناقش نفوذ إسرائيل في الغرب، فغالبا ما تقابل باتهامات بأنك معاد للإسلام أو معاد للسامية. لقد واجهت أنا شخصيا هذه الاتهامات بعد  أن نشرت صحيفة “Information” في  7 أغسطس مقالي الافتتاحي حول حرية التعبير الغربية وحرق الكتب المقدسة.

 

الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية – إلهام متبادل

إن استخدام الإسلامويين لاتهامات الإسلاموفوبيا ضد منتقدي الدول الاسلامية يوازي استخدام إسرائيل وأصدقائها لاتهامات معاداة السامية ضد منتقدي أفعال إسرائيل, وهذا ما يحصل عندما تتعرض الدنمارك والدنماركيين لهذه الاتهامات.

في السنوات الأخيرة، كانت هناك عدة اتهامات بمعاداة السامية ضد دنماركيين مشهورين لمجرد أنهم ينتقدون إسرائيل أو يتعاطفون مع العرب.

 

اتهام كلاوس ريفبيرغ وموغنز ليكيتوفت بمعاداة السامية

في عام 2008 ، تم نشر كتاب لمانفريد جيرستنز: خلف القناع الإنساني ، والذي يتهم الدنمارك ودول الشمال بأنها “بقع لمعاداة السامية ونشاط العنصريين الإنسانيين”.

وتم اتهام كلاوس ريفبيرغ – وهو اكبر مؤلف وشاعر في الدنمارك بتأجيج معاداة السامية في الدنمارك بعد نشره قصيدة “الأحذية” في صحيفة بوليتيكن في 11 يونيو 1967 ، بعد حرب الأيام الستة ، والتي أعرب فيها عن تعاطفه مع الضحايا العرب في الحرب.

“قصيدة كلاوس ريفبيرغ هي مقدمة لصور لاحقة وأكثر عدوانية ظهرت في ثمانينيات و تسعينيات القرن العشرين التي تهين إسرائيل واليهود” ، كما جاء في الكتاب.

ومرة أخرى وفي فبراير 2020 ، اتهم الكاتب آرثر أرنهايم الشاعر ريفبيرغ في Weekendavisen  بمعاداة السامية بسبب قصيدته.

وتذكر إفتتاحية أرنهايم “أكاذيب كبيرة وسيئة” ”  الموجة الجديدة المعادية للسامية” التي ، وفقا للكاتب ، بدأها كلاوس ريفبيرغ في الدنمارك.

تنتقد القصيدة الحماس الدنماركي فيما يتعلق بالحرب بين إسرائيل والدول العربية, والتعليقات السياسية و الاعلامية و كأن الدنمارك تفتخر بانتصار اسرائيل في الحرب  ضد العرب و كأنه انتصار للدنمارك ايضا.

كما تم توجيه اتهام الى وزير خارجية الدنمارك السابق والامين العام السابق  للجمعية العمومية للامم المتحدة موغنس ليكيتوفت من قبل MIFF (مع إسرائيل من أجل السلام) بالترويج لمعاداة السامية عندما قال على شاشة التلفزيون في عام 2001 إنه لا يوجد فرق بين مقتل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي والهجمات الإسرائيلية المستهدفة على القادة الفلسطينيين.

كما اتهمت MIFF، التي تقول عن نفسها بانها أكبر منظمة مؤيدة لإسرائيل في أوروبا وانها محايدة سياسيا ودينيا، وزراء دنماركيين اخرين أوفه إيلمان جنسن، بير ستيغ مولر، مارتن ليديجارد وهولغر ك. نيلسن بأنهم معادين لإسرائيل؛ وهو اتهام غالبا ما يرتبط بمعاداة السامية.

في عام 2020 ،  كتبت MIFF أن السياسيين الدنماركيين الخمسة ، إلى جانب 50 من القادة الأوروبيين السابقين ، وقعوا على عريضة تتهم إسرائيل ، من بين أمور أخرى ، بأنها دولة فصل عنصري.

يشير مؤلف كتاب “خلف القناع الإنساني” إلى أنه  في عام 2002 كانت SID (نقابة العمال المهرة في الدنمارك) من بين أولى المنظمات الأوروبية التي اقترحت مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وهو اقتراح يعتبره معاديا للسامية.

لقد عايشنا توجيه نفس الاتهامات بمعاداة السامية في الدنمارك في عام 2015، عندما  اضطرت شركة الحافلات MOVIA إلى  إزالة إعلان حافلة يدعو إلى مقاطعة البضائع المستوردة من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.

وقد تلقي هذه الاتهامات الضوء على سبب الحذر الذي أبدته وسائل الإعلام والمعلقون الدنماركيون في تقديم تغطية مفصلة لتقرير للأمم المتحدة نشر في 15 مارس 2017. ويصف التقرير معاملة إسرائيل للفلسطينيين بأنها فصل عنصري.

وعلى الرغم من الاحتجاجات السياسية داخل الأمم المتحدة وخارجها، قالت الأمينة العامة للإسكوا ريما خلف  إن التقرير  “يخلص بوضوح وصدق إلى أن إسرائيل دولة عنصرية أقامت نظام فصل عنصري يضطهد الشعب الفلسطيني”.

يجب خلع القفازات المخملية في المناقشات النقدية حول الدين والسياسة

الاتهامات بمعاداة السامية أو الإسلاموفوبيا تمنع المتناظرين والسياسيين من انتقاد إسرائيل والدول الإسلامية.

من المهم للغاية أن يختار المتناظرون أو السياسيون المشاركة في حوارات بناءة حول نقد الدين والموضوعات السياسية الساخنة في المستقبل ، حتى يمكن كسر احتكار وسائل الإعلام القومية والسياسيين الشعبويين لنقد الدين أو النقد السياسي.

يجب أن يكون المرء قادرا على انتقاد سياسات الدول الإسلامية أو إسرائيل دون خوف من اتهامه بالإسلاموفوبيا أو معاداة السامية. يجب ألا نسمح لأنفسنا بأن يتم إجبارنا على ربط النقد العقلاني لدين أو سياسة دولة مع التعصب العنصري!

غالبا ما يستخدم الإسلاميون  تهمة الإسلاموفوبيا ضد أي تحليل عقلاني  أو انتقاد للإسلاموية أو سياسات الدول الإسلامية، تماما كما استخدمت إسرائيل وأصدقاؤها على مدى عقود تهمة معاداة السامية ضد أي انتقاد لإسرائيل أو أفعال إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويدرك وزير الخارجية الدنماركي السابق  موغنس ليكيتوفت جيدا هذا الاتجاه، لأنه ينتقد سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين منذ سنوات عديدة.

ويقول لوكيتوفته  لصحيفة Information  في مارس 2021″كان هناك دائما أشخاص من اليمين المؤيد لإسرائيل يصرخون بمعاداة السامية ضد أي شخص يتحدث عن أدنى انتقاد لإسرائيل”، وقال انه ايضايتعرض لذلك.

قد يصبح النقاش حادا للغاية لأن  اصحاب الإسلاموفوبيا والمعاداة للسامية والعنصريين فقط هم الذين يتحدثون علنا. غالبا ما يمتنع الأشخاص الذين ليسوا في أقصى اليمين السياسي عن التحدث علنا عن القضايا الحساسة خوفا من اتهامهم بأنهم معادون للإسلام أو معادون للسامية أو عنصريون.

إذا أردنا إجراء مناقشة دقيقة، علينا أن نتفق على أنه لا ينبغي للصحفيين أو السياسيين أو المتناظرين ممارسة الرقابة الذاتية.

وهنا قد يكون من الافضل أن تواجه الاتهامات مسبقا من خلال تضمين فقرة في جميع تصريحاتك، أو حتى تبدأ كل ما تنشره بانك لست من اتباع الاسلاوفوبيا او معاداة السامة، حتى تتمكن من كسر الأرضية المشتركة بين الإسلامويين وأصدقاء إسرائيل الذين يستخدمون اتهامات الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية كأسلحة في حربهم المشتركة ضد حرية التعبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى